علي توفيق الصادق
كانت بداية حوار صندوق النقد الدولي مع الشباب في 22 شباط (فبراير) 2010، في مدينة لاهور الباكستانية. وشمل الحوار سلسلة من مناقشات الطاولة المستديرة، التقى فيها خبراء الصندوق بطلاب من عدد من الجامعات العربية خلال آذار (مارس) من العام ذاته، شملت كلاً من الجامعة الأميركية في بيروت، والجامعة الأميركية في الشارقة، وجامعة القاهرة، وجامعة الملك سعود، والجامعة الأردنية، وجامعة الأخوين في المغرب، والمدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية في تونس.
وكانت مناقشات الطاولة المستديرة، التي تجسد حوار صندوق النقد مع الشباب، فرصة للطلاب كي يتفاعلوا مع الصندوق حول أهم قضية بالنسبة إليهم، وهي حصول الشباب على فرصة المساهمة في رسم مستقبلهم الاقتصادي في عالم ما بعد أزمة المال العالمية. وأنشأ الصندوق موقعاً على شبكة الإنترنت يستطيع زائروه أن يتحاوروا من خلاله وينشروا ما لديهم من أفكار، عنوانه:
www.imfyouthdialog.org.ومناقشات الطاولة المستديرة هي أيضاً مبادرة اتخذها صندوق النقد بهدف الإطلاع على آراء الجيل المقبل من قادة المنطقة حول القضايا المتعلقة بالتحديات التي تواجه المنطقة العربية في مجال السياسات الاقتصادية، كما تسعى إلى إشراك الجيل المقبل من القادة في مناقشة المسائل والتحديات الاقتصادية التي تواجه المنطقة.
ويهدف الحوار إلى العمل مع طلاب الجامعات لاستكشاف وجهات نظرهم حول مستقبلهم الاقتصادي وللمساهمة في بلورة آرائهم حول تدابير السياسات التي ستكون مطلوبة لتأمين نمو اقتصادي قابل للاستمرار في البلدان العربية وداعم لإيجاد فرص عمل جديدة. وهكذا يكون صندوق النقد ساهم في التواصل بين الشباب ونشر أفكارهم وألغى المسافات بينهم وحضهم على المبادرة لتحقيق أحلامهم.
وعلى رغم اختلاف المكان والزمان بين مناقشات الطاولة المستديرة التي أجراها الصندوق، فإن إيجاد فرص عمل لاستيعاب الشباب المنضمين إلى سوق العمل للمرة الأولى، هو التحدي الأكبر الذي تكرر ذكره في تلك المناقشات.
فالبيانات المتاحة لست دول عربية هي الأردن ولبنان وسورية ومصر وتونس والمغرب، تفيد بأن متوسط البطالة ظل نحو 12 في المئة خلال العقدين الماضيين. وعلى رغم معدلات النمو المرتفعة بين عامي 2000 و2008، بقي متوسط البطالة في هذه الدول نحو 11 في المئة عام 2008، وهو المعدل الإقليمي الأعلى في العالم.
إن ظاهرة البطالة في المنطقة العربية في معظمها ظاهرة شبابية إذ تمثل نحو 40 في المئة أو أكثر من الفئة العمرية بين 15 سنة و24 في الأردن ولبنان والمغرب وتونس ونحو 60 في المئة في سورية ومصر. وعام 2008 كانت نسبة البطالة بين الشباب في هذه الدول نحو 27 في المئة.
وإضافة إلى ذلك، ناقش الطلاب تحديات أخرى مهمة تواجه المنطقة بما في ذلك أهمية الشفافية الحكومية، وإعادة هيكلة النظام التعليمي لتكون مخرجاته متناغمة مع متطلبات التنمية وأسواق العمل، ومشاركة الشباب في التنمية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وهذا ما يأمل الشباب بتحقيقه من «ثورات الربيع العربي».
ويبدو أن القضية التي تأتي على رأس قائمة هموم الشباب العربي، المتمثلة بإيجاد فرص عمل جديدة للذين يدخلون سوق العمل للمرة الأولى، هي أيضاً قضية عالمية برزت في مؤتمر أوسلو الذي استضافه رئيس الوزراء النرويجي ينس ستولتنبرغ برعاية مشتركة من منظمة العمل الدولية وصندوق النقد في 14 أيلول (سبتمبر) 2010.
وشارك في مؤتمر أوسلو ممثلون للحكومات ودوائر الأعمال والاتحادات العمالية والمجتمع الأكاديمي لمناقشة ما وصفه كثير منهم، بأنه أكبر قضية تواجه عالمنا اليوم، وهو أزمة الوظـــائف. فهنــاك 210 ملايين شخص عاطل من العمـــل على مسـتوى العالم كما في 2010، وهو أكبر عــدد عاطـلين من العمل تسجله البطالة الرـسمية في التاريخ. وتقدر منظمة العمل الــدولية أن أكثــر من 440 ملـيون وظيــفة جــديدة يجب تأمــينها على مدار السنوات العشر المقبلة لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل.
وتحدث المجتمعون عن تأثير البطالة على المستوى البشري لناحية خسارة الدخل وانخفاض العمر المتوقع وتراجع التحصيل الدراسي لدى أبناء العاطلين. وتحدثوا عن احتمال ظهور جيل ضائع من الشباب تنتشر بين أفراده البطالة لتتجاوز المعدلات بين الفئات الأكبر سناً. وفي ضوء ما تقدم يبرز السؤال الآتي: ما هي السياسات الناجعة في مواجهة قضية البطالة على المستوى العربي؟
بطالة الشباب تهدد استقرار المنطقة |